غزة :18لتر من السولار ب100دولار والبنزين ب450شيقل

10/5/2008

تكدست سيارة ابو احمد المهترئة بعشرة ركاب وهي ضعف حمولتها العادية بينما كان يسير على مفترق طرق الجامعات الحيوي في مدينة غزة لنقل الطلبة إلى منازلهم وسط استفحال لأزمة الوقود التي أصابت مرافق قطاع غزة بشلل غير مسبوق.

وينظر عناصر شرطة ملتحون إلى أبو احمد مبتسمين غاضين الطرف عن حمولته الزائدة التي في الحالات العادية يعاقب عليها القانون.

لكن في غزة تم تجاوز الكثير من القوانين مع اشتداد الحصار المفروض عليها من قبل إسرائيل.

واضطر المئات من اصحاب السيارات دون أي رقابة بتحويل محركات سياراتهم لتعمل على غاز الطهي المنزلي، بدلا من الوقود.

وعلى الرغم من ذلك لم تتجاوز غزة الازمة وتحتشد طوابير من الطلبة والمسافرين على الطرقات في انتظار فرصة نادرة من السيارات القليلة لتقلهم إلى مكان سكناهم أو عملهم.

وقال مسئولون فلسطينيون أن أكثر من 90% من سيارات القطاع توقفت عن العمل جراء وقف إسرائيل توريد مشتقات البترول للقطاع.

وتسود القطاع أزمة غير مسبوقة في المحروقات خصوصا مواد البنزين والسولار والغاز بعد قرار إسرائيل وقف تزويد القطاع بها إثر هجوم لنشطاء فلسطينيين على منفذ «ناحل عوز» المخصص لنقل الوقود أدى في حينه لمقتل عاملين إسرائيلين، لتزيد من الحصار الخانق المفروض منذ سيطرة حركة حماس على الأوضاع في حزيران الماضي.

العقاب الجماعي

ويقول محمود الخزندار نائب رئيس جمعية أصحاب شركات البترول في قطاع غزة إن إسرائيل «تتعمد تقليص كميات البترول والوقود اللازمة ضمن سياسية العقاب الجماعي على القطاع».

ويشير الخزندار في تصريحات لوكالة الأنباء الألمانية إلى مصاعب غير مسبوقة يعانيها سكان قطاع غزة من نفاد كميات مشتقات البترول وغلاء قياسي في الأسعار وما يخلفه هذا الواقع من أزمة إنسانية، لافتاً إلى أن اتصالات مستمرة مع الجانب الإسرائيلي لم تنجح في وقف هذه المعاناة.

وشهدت مدن قطاع غزة حالة شبه شلل جراء نقص الوقود وارتفاع أسعاره.

فيما انتشرت السوق السوداء حيث وصل سعر جالون السولار عبوة 18 لترا الى اكثر من 350 شيقلا أي حوالي 100 دولار فيما ارتفع سعر غالون البنزين لنفس الكمية اكثر من 450 شيكلا، ما أسهم في قلة عدد السيارات العاملة وأصابت حركة التنقل والمواصلات حالة من الشلل التام.

ويضطر غالبية السكان إلى السير على الأقدام أو الانتظار طويلاً للتمكن من وسيلة نقل نادرة وبتكلفة قياسية.

وفي المقابل ارتفعت أجرة المواصلات بشكل غير مسبوق في قطاع غزة حيث أصبحت أجرة الراكب الواحد داخل غزة لا تقل عن 3 شيقل (الدولار يساوي 5ر3 شيكل)، فيما ترتفع إلى 10 شواكل من غزة إلى مدن جنوب أو شمال القطاع.

وتتهم إسرائيل حركة حماس بمصادرة إمدادات الوقود التي نقلتها إلى قطاع غزة، فيما تقول الحركة إن إسرائيل تنتهج سياسية العقاب الجماعي لتركيع الفلسطينيين في غزة.

وفيما كان البديل الأكثر رواجاً لازمة انعدام مشتقات البترول استخدام غاز الطهي على ما يحمله من مخاطر استبق سكان غزة كل التجارب التي تجري لتحويل زيت الطعام المستخدم إلى وقود للسيارات بديلا عن السولار ومشتقات البترول؛ ليأخذوا بزمام المبادرة ويجربوه على سياراتهم.

زيت الطهي

ولم يعبأ السائق عزت سالم بتحذيرات من مخاطر استخدام زيت الطهي غير المعالج على محرك السيارة سواء من جوانب صحية أو تقنية على السيارة وتلويت الهواء، وهو يردد بيأس «ايش جبرك على المر غير الأمر منه».

ويقول: «في البداية رفضت الفكرة خوفا على السيارة لكن بعد أيام من البطالة وجدت عددا كبيرا من السائقين يستخدمونه دون أي أعطال حتى اللحظة، بدأت في استخدامه».

وتابع: «صحيح أن المحرك من المحتمل أن يتعطل وصحيح أنني لن أستطيع إصلاحه لعدم وجود قطع غيار، لكني أريد أن أعيش، السيارة مصدر رزقي الوحيد ومسئولياتي كثيرة.. ربنا يستر».

ومن جهته، يقول السائق سمير مشتهي /43 عاماً/ إنه اضطر لاستخدام زيت القلي بعد نفاذ الوقود من سيارته، وبعد فشله على مدار أسبوع كامل من الانتظار في محطة لبيع المحروقات في غزة.

ويضيف أنه اضطر لهذه الخطوة عبر خلط زيت القلي «السيرج» بقليل من السولار ليتمكن من العمل على سيارته والعودة لأطفاله بوقت يومهم وما يحتاجونه من طعام ، «فالأوضاع صعبة للغاية ولا يمكنني أن أوقف سيارتي ليوم واحد ولا توجد لدينا بدائل».

ويلفت الميكانيكي محمد الدبس، صاحب ورشة لتصليح السيارات، النظر إلى أن عددا لا بأس به من السيارات بدأ يستعمل زيت القلي المستخدم ومزجه بالسولار بنسبة 1 : 3 للتقليل من لزوجة الزيت، مشيرا إلى أن استخدام هذا الزيت يقلل من نسبة احتراق السولار عن المعدل المفروض.

ويوضح الدبس أن المشكلة الأساسية في الزيوت أنها «عالية اللزوجة؛ وهو ما يقلل من كفاءة عملية الاحتراق، وبالتالي يقلل من كفاءة تشغيل المحرك، منوها إلى أن استعمال الزيت المستخدم كفيل بالتسبب بأعطال كثيرة للمحرك، خاصة أنه غير معالج»، واستدرك قائلا: «الوضع صعب، والناس تخاطر بأرواحها من أجل لقمة العيش».

بعين الله...............